سورة ص - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ص)


        


مآب: مرجع. جنات عدْن: جنات الاقامة والاستقرار. قاصرات الطرف: عفيفات. أتراب: متساويات في الأعمار. فبئس المهاد: فَسَاء الفراش. الحميم: شدة الحرارة، غسّاق: ما يسيل من صديد أهل النار. من شكله: من مثله. ازواج: الون. فوج: جمع كثير. لا مرحبا بهم: غير مرغوب فيهم، ولذلك لا يرحب بهم. زاغت عنهم: مالت عنهم.
هذا الذي قصصّنا عليك أيها النبي، نبأَ بعض المرسَلين- تذكير لك ولقومك، وان الله اعطى المتقين حسن المرجع إليه، حيث أعدّ لهم جناتِ عدْنٍ أبوابُها مفتحة اكراما لهم، يجلسون فيها متكئين على الأرائك مسرورين، يتمتعون فيها بأطيب انواع الفواكه، وخير الشراب، وعندهم ازواجهم من الحور العِين القاصراتِ الطرف الفيفات، متساويات في العمرُ، على خير ما يرام من الوفاق والسعادة والسرور.
{هذا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الحساب} أيها المؤمنون المخلصون، وهو بعض عطائنا الذي لا ينفد ولا ينتهي.
ثم بعد أن وصف ثواب المتقين وما أعدّ لهم، أردفه بوصف عقاب الطاغين، فقال: إن هذا النعيم لهو جزاء المتقين، وان للطاغين المتمردين لشر عاقبة، وسوء منقلب.
{هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ}
هذا حميم بالغ الحرارة وصديدٌ من نار جهنم، فليذوقوه. ولهم عذاب آخر في أشكال متعددة وانواع متشابهة في شدتها وقسوتها.
ويقال للطاغين وهم رؤساء المشركين: هذا جمعٌ كثير داخلون النار معكم يقتحمونها فوجا اثر فوج، وهم اتباعكم، فيقول هؤلاء الرؤساء: {لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النار} وداخلون فيها غير مرحَّب بهم.
ثم يرد عليهم الداخلون من الاتباع ويقولون لهم: {بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ} لأنكم الذين قدّمتم لنا هذا العذاب بإغرائكم لنا ودعوتنا إلى الكفر، {فَبِئْسَ القرار} لكم في جهنم.
ثم يزيد الأتباع بدعائهم على رؤساء الضلال قائلين: يا ربنا، من تسبّب لنا في هذا العذاب فزدْه عذابا مضاعفا في النار. وفي سورة الاعراف 38 {رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النار قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ولكن لاَّ تَعْلَمُونَ} وكذلك قوله تعالى: {وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السبيلا رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العذاب والعنهم لَعْناً كَبِيراً} [الاحزاب: 67، 68].
ثم يتساءل أهل الكفر في النار عن الذين آمنوا من الضعفاء وفقراء المسلمينن فيقولون: ما لنا لا نرى رجالاً كنّ نعدّهم في الدنيا من الاشرار الذي لا خير فيهم، وقد كنّا نسخَر منهم في الدنيا ونهزأ بهم فأين هم؟ ام ان اعيننا زاغت عنهم فلا نراهم!.
ثم يبين الله تعالى ان هذا التساؤل وهذا الكلام والتخاصم مع بعضهم البعض حقٌّ يوم القيامة لا مرية فيه فيقول: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النار}.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو: {اتخذناهم} على الاخبار، وقرأ الباقون: {أتخذناهم} بفتح الهمزة على الاستفهام. وقرأ نافع وحمزة والكسائي: {سُخريا} بضم السين، والباقون بكسرها، وهما لغتان.
وقرأ ابن كثير وابوعمرو: {هذا ما يوعدون} بالياء. والباقون: بالتاء.


الملأ الاعلى: الملائكة. فقعوا له: اسجدوا له. خلقتُ بيدي: بقدرتي من غير أبٍ ولا أُم. العالين: المتكبرين. فاخرجْ منها: من الجنة. فأنظِرني: فأمهلني. إلى يوم يبعثون: إلى يوم القيامة. المخلَصين: بفتح اللام: الذين استخلصتُهم للعبادة.
في ختام السورة تعود إلى تقرير القضايا التي عرضت لها في اولها وهي قضية التوحيد، والوحي والجزاء في الآخرة، ثم تستعرض قصة آدم، دليلا على الوحي بما دار في الملأ الاعلى، وتتضمن حسد إبليس لأدم وطرده من رحمة الله، ثم دوام المعركة بين الشيطان وابناء آدم التي ستدوم ما دامت الأرض والسماء. ثم تختم السورة بتوكيد قصة الوحي، وان الرسول الكريم لا يُسأل على أدائه الرسالة اجراً، وما هذا القرآن الا ذكر للعالمين.
قل يا محمد للمشركين: ما انا الا نذير مرسَل من قِبل رب الاله الواحد القهار، مالكِ هذا الكون بما فيه، وهو مع ذلك كله عزيز لا يُغلب، غفار يتجاوز عن الذنوب، ويقبل التوبة.. إذا سبقتْ رحمته غضبه.
وقل لهم: إن ما أقوله لكم من الوحي امرٌ عظيم، اكبر مما تظنون وما تفكرون. أنتم تعلمون حالي، كنت لا أعلم شيئا قبل ان يأتيني الوحي، وما كان لي أي علم باختلاف الملأ الاعلى في قضية آدم، فأنا لم اجلس إلى معلّم، ولا دخلت مدرسة، وطريق علمي هو الوحي من عند رب العالمين. وما يوحى إلي إلا أن أنذركم وأبلّغكم رسالة ربي بأوضح تعبير.
ثم تأتي قصة آدم وقد تقدمت في سورة البقرة والاعراف والحِجر والإسراء والكهف، وفي كل مرة تأتي بأسلوب جديد. ومعنى {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي} جعلتُ في هذا الطين سر الحياة. وقد طلب الله من الملائكة ان يسجدوا لآدم سجود تعظيم فأطاعوا الا ابليس استكبر، وحسد آدم وقال إنه خير منه، فطرده الله من رحمته. وطلب ابليس ان يُنظره الله إلى يوم القيامة.
{قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ} المُمْهَلين إلى ذلك اليوم المعيَّن.
فحلف ابليس بعزة الله الخالق انه لَيُغوينَّ بني آدم الا الذين آمنوا باخلاص وصِدق، فانه لا سلطان له عليهم، وهان يقول تعالى: {قَالَ فالحق والحق أَقُولُ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ}
الحق يميني وقسَمي، ولا اقول الا الحق، لملأن جهنم من جنسك واتباعك من الشياطين، وممن تبعك من بني آدم.
ثم تختم السورة بهذه الآيات الكريمة: {قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ المتكلفين إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}
قل يا محمد لأمتك: ما أسألكم على تبليغ ما يوحى اليّ اجراً، وما انا من الذين يتصنعون ويتكلفون حتى أدّعي النبوة، وما هذا القرآن الا تذكير وعظة للعالمين جميعا، ولتعلمُنَّ أيها المكذّبون به صِدق ما اشتمل عليه من الخير للبشرية جمعاء بعد حين. صدق الله العظيم.

1 | 2 | 3